في”تلامس” .. لنا عبدالرحمن تروي كوابيس لبنانية
وقعت الكاتبة اللبنانية المقيمة في القاهرة لنا عبد الرحمن أمس الأول روايتها “تلامس” الصادرة عن الدار العربية للعلوم ومنشورات الاختلاف وذلك خلال حفل بمكتبة “البلد”.
تبحث الكاتبة في روايتها عن وطن تختزن تفاصيله وتنشغل بأحلامه وكوابيسه.. وتعبر عن آلامه وجنونه بلغة بسيطة ومنطلقة من شخصيات متخبطة ومنسحبة.
وهو ليس العمل الأول للكاتبة الذي ينشغل بلبنان كمكان، فقد أصدرت من قبل مجموعتين قصصيتين، الأولي بعنوان “أوهام شرقية” والثانية بعنوان “الموتى لا يكذبون” ثم روايتها الأولي “حدائق السراب” إلي جانب كتابها الأول “شاطئ آخر” الذي شمل مقالات نقدية في القصة والرواية، ورسالة ماجستير عن رواية “مسك الغزال” للكاتبة اللبنانية حنان الشيخ .
لا تبدأ الرواية بحكاية الحرب، بل بالحديث عن خوف البطلة من جنون متوارث في عائلتها، جنون يدفعها للتفكير أنها ستلاقي المصير ذاته الذي لاقته عمتها يوما ما ثم تصير نزيلة مستشفى للأمراض العصبية، هذا الخوف الذي ظل يمثل طوال الرواية شبحا يختفي بين السطور ويظهر بين فينة وأخرى.
تقول الكاتبة في مطلع الرواية:
أكثر ما كان يخيفني، أن أصير مثلها.
أن تكون نهايتي مثل نهايتها.
كوابيسي عنها لا تنتهي، ثم الأشباح… الأشباح التي تأتي ليلا لتهز سريري وتمضي، تتركني أحدق في فراغ غرفة ملبدة بالضباب ولون رمادي كثيف يشبه البخار المتصاعد من قدر هائل الحجم، وخيوط لا مرئية تتمازج ألوانها بين البترولي الأسود، والكحلي القاتم، ألوان تشعرني بالجفاف الشديد في حلقي، كما لو أنها وجدت في هذا الكون لإفزاعي فقط. استيقظ في الليل مرعوبة بسبب الكابوس ذاته.
أشاهد نفسي نزيلة مستشفى المجانين، “دار العجزة” أو “المأوى”، أكثر الأسماء التي تسبب لي الهلع.
تحكي الكاتبة عن تفاصيل صغيرة في حياة البطلة،علاقتها بالسينما، قصة حبها للشاب الإفريقي “محمدو”، كما تكشف عن إحساسها باليتم، وعيشها في قلق دائم تهرب منه إلى عالم الإنترنت،لتمر الساعات من حياتها مرورا عبثيا،لا يترك فيها أي طعم.
وتقول الكاتبة – كما نقلت عنها صحيفة “البديل” قولها – لقد انتقلت بين بيوت كثيرة وأماكن عديدة في طفولتي بسبب الحرب وآثارها، ربما لهذا السبب الأماكن لا تشكل لي شيئا وأشعر أني أحيا ضمن مربع كتبي وأوراقي واللاب توب، وأعمل دائما علي تحرير نفسي من الارتباطات بالأشياء والتعلق المميت بالأماكن.
علاقتي مع بيروت أو القاهرة علاقة داخلية، فالمكان لا يسيطر علي واقعيا، لكنه يعني لي الكثير ابداعيا وكتابتي ترتبط بالأماكن دائما، فأنا أكتب عن بيروت حتي الآن واتطلع للكتابة عن القاهرة.
لكن مفهوم التلامس يختلف من فرد لآخر وكل منا له تلامس بين عالمين كل فرد يمثل كينونة مستقلة بذاتها، التلامس بين العقل والجنون، وبين الحرب والسلام، التلامس بين الشغف والخوف.
علاقة البطلة في رواية “تلامس” وشغفها بالشاب الأفريقي وانصياعها في الوقت نفسه للحواجز الاجتماعية يكشف شخصيتها وترسب التقليدية بأعماقها، عمق وجودها بين عالمين دون أن تستطيع التحرك نحو أيهما، التلامس أيضا بين الواقع الذي نعيشه فعليا وبين عالم النت والتكنولوجيا، وهروب البطلة المستمر للعالم الافتراضي عبر المدونات والشات ومواقع البحث، والانتقال بين عالم أمها المرفه وعالم الطبقة الوسطي الذي تنتمي إليه، كل شئ في حياتها يتلامس ولا يتداخل.
وتضيف: فكرة النص أتت خلال أحداث حرب 2006 أثناء وجودي ببيروت ـ الدافع الأساسي كان مراقبتي للجيل الجديد، وهو جيل ليس معبأ بالحرب ومخاوفه منها لكنه معبأ أكثر بصدمة تحولات هزت العالم وهزت لبنان، ومعبأ بذكريات أهله وذكرياته الطفولية عن الحرب، ومازالت حتي الآن آثار الحرب علي الأماكن والأشخاص باقية تحفر عميقا.
موقع محيط الاخباري