طريق ماكوندو

 

 

 

في رسالته البديعة إلى أصدقائه قال غابريل غارسيا ماركيز  ماركيز :”سأنام قليلاً ، وأحلم كثيراً، مدركاً أننا في  كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور “.

ويأتي الحديث عن الأديب الكولومبي العالمي ماركيز  الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1982  بمناسبة  إعلان الحكومة الكولومبية  عن إطلاق “طريق ماكندو”، ويهدف هذا الإعلان للترويج السياحى لجميع الأماكن التي ورد ذكرها في  رائعة ماركيز  «مئة عام من العزلة» . هذا  الكاتب الكولومبي الذي لقبه البعض بالساحر او المشعوذ لإختراعه طريقة مبتكرة في الكتابة ولبلوغه الذروة في التعبير الادبي والسياسي ايضا.

ومع  أن ماكوندو نفسها بلدة خرافية، من خيالات ماركيز ، لكن فكرة الطريق تمثل محاولة للترويج السياحي لإقليم ماغدالينا شمالي كولومبيا، حيث ولد غارسيا ماركيز عام 1927.

ويكشف الخبر الذي يحكي عن تلك البلدة الساحرة أن  الجولة البرية فيها تبدأ  بركوب أي وسيلة مواصلات لمدة ساعة من مدينتى بارنكويلا أو سانتا مارتا إلى مسقط رأس المؤلف أراكاتاكا، ثم يتابع الزائر الرحلة وصولا إلى ماكوندو ورؤية المواقع المختلفة في تلك البلدة. أما ماكوندو في ” مائة عام من العزلة” فهي منطقة زراعية مثمرة غزتها حملة امريكية وقتل فيها مئات العمال بعد قيامهم باضراب شعبي عام.

ومن الواضح إن الرحلة البرية لبلدة  ماركيز   متاحة  كي يتسنى لأصحاب شركات السياحة والفنادق تقديم خدماتهم، ومما سيعزز من فنية الرحلة وجود  جماعات تعرض فنون الفلكلور وأعمالا مسرحية وعروضا راقصة على طول الطريق، كما   أن  الجولات ستكون على متن حافلات تقليدية تعرف محليا باسم “تشيفاس” وهو نوع من الحافلات المزينة والمطلية بألوان زاهية ومصممة بطريقة تمكن ركابها حتى من الوقوف والرقص على متنها. وسيتنقل الزوار بين مزارع الموز والمحطة الكبرى ومتحف غابرييل غارسيا ماركيز الذي افتتح في مارس الماضي. وغاية كل تلك الجولة  اكتشاف  الأماكن التي قضى فيها المؤلف طفولته وسنوات مراهقته، وكانت مصدر الوحي له في كتابة الكثير من روائعه الأدبية. وبالرغم من أن غارسيا ماركيز استقر في المكسيك، قبل عقود، فإنه كثيرا ما عاود  زيارة  منزله شمال كولومبيا.

يضم متحف غارسيا ماركيز 14 غرفة تمثل نموذجا كلاسيكيا للمنازل الكولومبية الكاريبية في النصف الأول من القرن العشرين. وكان منزل ماركيز هدم قبل أكثر من أربعين سنة وأعيد بناؤه.

وفي سيرة حياة ماركيز التي كتبها منذ عدة أعوام تحت اسم ” عشت لأروي”، حكى عن منزله هذا، وعن  بلدته وأقاربه وأصدقائه وعائلته، وروى بتفاصيل أدبية مثيرة الأماكن التي أثرت فيه عميقا، أي أن سيرة ماركيز تكشف للقارئ  أثر المكان في الكاتب، وكيف ينعكس حضوره الطاغي في كلماته.

والجدير بالذكر عند الحديث عن ماركيز وسيرة حياته، أن نذكر جيرالد مارتن الذي وضع مؤلفا تناول فيه حياة ماركيز واستغرقت منه  17 عاما من العمل المستمر.  ومن أبرز ما ذكره  مارتن في سيرة ماركيز   أنه  بدأ حياته كصحفي لامع ثم مارس كتابة السيناريو وتخصص بعدها في الاعلانات ، كما كان وسيطا وسياسيا وكاتبا دراميا ونصيرا للآداب والفنون فضلا عن تأسيسه مدرسة للسينما في كوبا ومعهدا للصحافة في كارتاجين .طاف ماركيز حول الارض في فترة كان السفر فيها صعبا وكان ذلك مفخرة حقيقية بالنسبة لصحفي لايملك مالا كافيا ولايجيد التحدث بالانكليزية.

  د. لنا عبد الرحمن 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى