مقعد شاغر بانتظار رئيس مغامر
لم تنفع تأكيدات صحيفة “النيويورك تايمز” الأمريكية بأن رئيس مصر القادم لن يخرج عن عمرو موسى أوعن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ، بأن تثني عددا كبيرا من مرشحي الرئاسة بالتراجع وسحب أوراقهم، بل على العكس من ذلك ؛ فقد سمح منصب الرئيس الشاغر باكتشاف نوعيات من الأشخاص- يمتلكون ثقة بأنفسهم – أنهم قادرون على القيام بمهام الرئيس ؛ رغم أن مؤهلاتهم تكاد أن تكون معدومة تماما ؛ مما جعلهم مادة طريفة الإعلام لتسليط الضوء عليهم، وسط حالة من الدهشة والاستغراب، والسخرية أيضا؛ ففي قائمة المرشحين هناك أشخاص أميون، وأصحاب سوابق لا ينكرون ضلوعهم في السرقات وتجارة المخدرات، مما يدل أن شروط الترشح لانتخابات الرئاسة لم تكن محكمة بالقدر الكافي ؛ مما فتح الباب على مصراعيه أمام من يمتلك الجرأة لا الكفاءة على الظهور في الإعلام ؛ والزعم أنه مرشح للرئاسة.ولعل المتابع لصفحات ” الفيسبوك ” سيكتشف مهازل كثيرة حول الترشح للرئاسة، مثلا الراقصة المعتزلة هياتم تنفي الشائعات التي ترددت حول ترشيح نفسها رئيسة للجمهورية على غرار الإعلامية بثينة كامل، بعدما انتشرت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي أنباء تؤكد أنها بصدد سحب أوراق الترشيح تحت شعار ” نحمل الدلع لمصر” وهذا ما فعله أيضا شعبان عبد الرحيم الذي تردد أنه رشح نفسه للرئاسة، ثم أعلن تراجعه.
وضمن دوامة المهرجان الرئاسي استضاف الاعلامى معتز الدمرداش في برنامجه التليفزيوني المرشح للرئاسة ” محمد رشاد” الشهير بـ ” اللص التائب” للحديث عن سر ترشحه للانتخابات وما هى حكاية اسمه الذى يفتخر به؟ حكى اللص التائب عن تفوقه في الدراسة، وعن أسرته المعدمة، وتحوله للسرقة، وسجنه ثم توبته، لكنه يرى أن أولى أولويات برنامجه الانتخابى هي الاهتمام بمحدودى الدخل والفقراء من خلال تحسين ظروف المعيشة بزيادة الدخل لكل مواطن، كما يتضمن البرنامج الانتخابى للص التائب عمل حزب للمجرمين التائبين وخريجي السجون وأصحاب السوابق – على حد قوله – وعدد هؤلاء يبلغ عشرات الالاف من الذين يدخلون السجن ويخرجون منه ويريدون عقب خروجهم أن يبدأوا حياة جديدة.
مرشح رئاسي آخر يُدعى ” عادل فاروق” يزعم أنه ابن غير شرعي للملك فاروق من الفنانة كاميليا، وأنه تقدم بطلب استعادة النسب الى المحكمة، ولم يُحكم بالقضية بعد ؛ وعلق قائلا على ترشيحه لانتخابات الرئاسة بأنه ترشح من أجل الشعب ؛ لكى يحقق له مطالبه ويحقن دماء المصريين والثوريين فى ميدان التحرير لأنه رأى شبابا منهم يحمل العلم المصرى القديم ابان فترة حكم الملك فاروق. وذهب عادل فاروق الى مقر لجنة سحب أوراق الترشح للرئاسة ممسكا بيديه علم مصر قبل ثورة يوليو 1952 وقال ان الملك فاروق هو الحاكم الشرعى لمصر وما حدث هو انقلاب جزء بسيط من العسكريين عليه وقال بان الملك فاروق هو ملك مصر الاول وملك السودان.
ولا تنتهي قائمة المرشحين المثيرة للدهشة، فهناك مثلا مقاول معماري من بولاق الدكرور وشهادته الابتدائية ، ويملك مقهى خاص ، يؤكد أنه في حال فوزه بالرئاسة سيغير اسم المقهى إلى ” مقهى السيد الرئيس” ورفع شعار القضاء على الفقر والبطالة ، والمساواة بين كافة أطياف الشعب ، وتحسين أوضاع العشوائيات.
أما المرشح السيد عبد الله حسن ( الشهير بظاظا )، فإنه يعمل مدرسا للتربية الرياضية ، وخريج جامعة الأزهر، وقال بأنه ظهرله النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في رؤيا صادقة أيده ليكون رئيسا لمصر ، وضع فيها النبى يده الشريفة على كتف “ظاظا ” لمؤازرته وتشجيعه على الترشح .
ومن الملاحظ أن هؤلاء المرشحين يشتركون في ترديد ذات الشعارات الداعية للقضاء على الفقر، والبطالة، والفساد، والجهل،وحجتهم في هذا كله أنهم جاؤوا من طبقات مسحوقة، وأنهم أكثر ادراكا لمشاكل الفقراء ؛ لكن ما يستحق التوقف للتساؤل حوله هو الدور الذي يقوم به الإعلام سواء المرئي أو المقروء في افساح مساحات ” للص التائب” والمقاول، والسباك، وغيره ليحكي عن برنامجه الرئاسي، هل يقوم الإعلام بهذا الدور من باب الطرافة، أم لتسليط الضوء على ما يحدث في المجتمع، أم لشغل الراي العام عن اكتشاف المرشحين الحقيقيين للرئاسة، في وقت تبدو فيه مصر أحوج لكل كلمة ورأي عن المرحلة المقبلة ؛ التي ستحسم مستقبل مصر علي كافة الأصعدة .
د. لنا عبد الرحمن