لنا عبد الرحمن وروايتها “بودا بار”

 

شاركت الكاتبة لنا عبد الرحمن، في فعاليات الدورة الثانية والخمسين، لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والمقرر إنطلاقه نهاية الشهر الجاري، بأحدث إبداعاتها الأدبية، رواية “بودا بار”، والصادر حديثا عن منشورات الاختلاف بمشاركة منشورات ضفاف.

ولنا عبد الرحمن كاتبة لبنانية تقيم في القاهرة، صدرت لها العديد من الروايات نذكر من بينها: “حدائق السراب” 2006 ــ “تلامس” 2008 ــ “أغنية لمارجريت” 2011 ــ “ثلج القاهرة” 2013 ــ “قيد الدرس”  2015.

كما صدر للكاتبة لنا عبد الرحمن المجموعات القصصية: “أوهام شرقية” 2003 ــ “الموتى لا يكذبون”  2005. بالإضافة إلي كتاب نقدي بعنوان، “شاطئ آخر – قراءات نقدية في الرواية العربية” 2002.

ومن أجواء روايتها الجديدة “بودا بار” نقرأ للكاتبة لنا عبد الرحمن:

بخفة لا تتناسب مع سنوات عمره التي تجاوزت السبعين عاما، نزل الدكتور يوسف مهرولا من سلالم المبنى الذي قيل إن الجريمة وقعت في إحدى شققه. شعره أشيب، لحيته بيضاء غير مشذبة، بدا عليه التأثر الشديد، وهو يومىء برأسه للضابط الذي سارع نحوه ليسأله عن حقيقة الموقف. تابعت دورا الطبيب بنظراتها من بعيد، وبجانبه لوسي الخادمة السريلانكية، تقف وفي يدها قفص مستطيل فيه قطة صغيرة سوداء، تتكور في أحد جوانبه وحول رقبتها شريط أحمر، تُصدر مواءً خافتا لا يسترعي انتباه أحد.

لم تصمت لوسي خلال ركضها من الطابق الرابع إلى منزل الطبيب، تفوهت بعبارات وأتت بحركات تؤكد حدوث أمر جلل؛ لطمت وجهها وضربت رأسها، حينها استنتج معظم أهالي الحي وقوع مصيبة، قد تتعلق بجمانة التي سكنت الحي مع زوجها مروان منذ عامين ونصف.

كانت لوسي أول من اكتشفت أن مخدومتها ممددة في سريرها، وفي رقبتها وصدرها عدة طعنات، لذا سارعت إلى استدعاء طبيب الحي. لكن الطبيب حين وصل إلى الشقة، وجد ما يدل على وقوع جريمة، لكنه لم يجد الجثة، شاهد بقع دم على السرير، وعلى الأرض، غير أن جثة جمانة لم تكن موجودة.

أصر الضابط على اصطحاب زوج القتيلة ودكتور يوسف ولوسي الشاهدة الوحيدة على رؤية الجثة، وبعض الجيران لأخذ أقوالهم، فيما الخادمة القصيرة السمراء تواصل نحيبها مؤكدة أنها شاهدت جمانة مطعونة في صدرها ورقبتها. لم تكن لوسي تريد الذهاب للشرطة، خافت من اتهامها بالمشاركة في الجريمة، وأن يطول أمد بقائها في الحجز. لكن الطبيب حاول تهدئتها مؤكدا بأنها  ستعود برفقته، وفي حقيقة الأمر كان في قرارة نفسه متخوفا ألا يكون كلامه صحيحا، فلا يتمكن من إعادتها لو أصروا على احتجازها لأخذ معلومات كافية عن الضحية، خاصة وأن لوسي تملك مفتاح الشقة، وتعرف الكثير  عن جمانة بحكم عملها بخدمتها منذ عام. بيد أن هذا اليوم ليس مثل باقي الأيام، لقد انتهت علاقة لوسي مع جمانة إلى الأبد، وصار عليها في حال خروجها من الحجز البحث عن مكان آخر تعمل به كي تستمر حياتها في هذا البلد، ولا تضطر للعودة إلى سريلانكا، حيث تنتظرها قضايا أخرى.

لم تكترث دورا بما شاهدته، فقد اعتادت خلال عملها التعامل مع مجرمين، ومختلين نفسيا، ومغتصبي أطفال، ومدمنين. تابعت ما يحدث بفضولٍ عابر قبل أن تقرر التوجه إلى المكتب العقاري الصغير أسفل “عمارات ديبة” لتكمل إجراءات استئجار الشقة.

في المرة الأولى جاءت لمعاينة المكان، وعبر لقاء قصير جمعها دكتور يوسف مع ديبة مالكة العقارات، راق لها موقع الشقة القريب من وسط المدينة، دفعت جزءًا من المبلغ المطلوب، على أن تنتقل بعد عدة أيام للسكن بشكل نهائي.

نضال ممدوح

جريدة الدستور

 

زر الذهاب إلى الأعلى