ندوة أدبية تحتفل بـ “تميمة العاشقات” للكاتبة لنا عبد الرحمن
تنتصر للمرأة ولا تعادي الرجل
مثل كل الندوات الأدبية، بدأت ندوة “الساردون يغردون” بطرح عدد كبير من الأسئلة المهمة حول رواية “تميمة العاشقات” للكاتبة الروائية د. لنا عبد الرحمن، وهي الرواية السادسة في مسيرتها المبدعة. استهلت الناقدة عبير عزاوي الأمسية بالحديث عن لنا عبد الرحمن، فوصفتها بأنها: كاتبة وروائية لديها خصوصية في السرد، واستعرضت جوانب من سيرتها الذاتية؛ فأشارت إلى أنها كاتبة وناقدة وصحفية، نشرت أعمالها في العديد من الصحف العربية والمجلات المحكمة، وأشرفت على العديد من ورش الكتابة الإبداعية في مصر والدول العربية، كما شاركت في الكثير من الندوات والأنشطة التي نظمها المجلس الأعلى للثقافة وجامعة القاهرة والجامعة الأمريكية بالقاهرة.
استعرضت العديد من مؤلفاتها في القصة والرواية والنقد الأدبي، ومن أبرزها: شاطئ آخر، وأوهام شرقية، والموتى لا يكذبون، وحدائق السراب، وتلامس، وثلج القاهرة، وقيد الدرس، وصندوق كرتوني يشبه الحياة.. وغيرها.
الكون والحياة
قال الناقد د. مصطفى عطية: نحن أمام روائية تعرف جيدا مشروعها الإبداعي، راسخة القدم، وموهوبة، ومتمكنة لغويا، تبحر في عالم غاية في الروعة، والصعوبة السردية.
ووصف الكاتبة بأنها صوت نسائي متميز، تعبر عن عالم المرأة، وتقدم لنا رؤيتها للكون والحياة .
وأضاف: أننا أمام ساردة تنتصر للمرأة، ولا تبخس الرجل حقه، مشيرا إلى أن سمات السرد عند د. لنا دالة على ثراء لغوي، وعمق ثقافي، حيث أبحرت بعمق وقوة في مختلف الثقافات.
أوضح: أن عباراتها رشيقة، وأن سماتها الأسلوبية دالة على أنها تجمع بين الرؤية البصرية والغوص في أعماق الشخصيات، ووصف الأمكنة بكل تفاصيلها.
وتساءل د. عطية: ما الرسالة التي تقدمها لنا هذه الرواية؟ وأجاب عن تساؤله مؤكدا عدة أمور مهمة، منها: -تقدم الرواية رسالة المرأة عبر أزمنة متعددة -توضح أنها ضد الأنثى عندما يتم تقديمها كقرابين -تؤكد أن التمرد في المرأة إيجابي، تنتصر فيه لشخصيتها الحقيقية بعيدا عن الخنوع- تقدم المرأة التي تبحث عن حبها وتنتصر لذاتها- تؤكد أن وحدة الكون المتناغمة هي التي تنتصر في النهاية.
لفت إلى أن الكاتبة كانت واعية تماما وحصيفة وهي تقسم شخصيات روايتها، وحرصت على أن تبني روايتها بناء متماسكا؛ فنحن أمام رواية تُقرأ بعشرات المداخل.
واختتم كلامه مؤكدا تمكن الكاتبة على مستوى البنية السردية والأسلوب والتقطيع الزمني، وهذا يدل على وعي كبير بالبناء الروائي، مشيرا إلى أهمية الثقافة النقدية؛ فالنقد يساعد على تطوير التجربة.
“تعويذة” لحماية المرأة
شددت د.درية فرحات على أن “تميمة العاشقات” هي رواية المرأة بامتياز، فالمرأة هي الخصوبة في الرواية، وهي التي تبني، وتكمل المسيرة، وتقدم المعرفة.
وقالت: “تميمة العاشقات” هي التعويذة التي تريد الكاتبة من خلالها حماية المرأة بكل فئاتها، وفي كل العصور، إن الرواية تجمع الحنين والفقر والحب والتمرد والتدين والرغبة في الانعتاق والمغامرة والرحيل والتيه والخروج من التيه.
أوضحت أن الرواية تقدم حقيقة المرأة، وتعتمد تعدد الأصوات الذي هو سمة من سمات السرد القصصي للرواية الحديثة، ونحن أمام سبع روايات منفصلة متصلة في رواية واحدة؛ فهي منفصلة لأنها تدور في عدة أزمنة، متصلة لأنها حكاية “زينة” ابنة المستقبل تروي لنا حكايات جداتها في أزمنة مختلفة.
وأشارت إلى أن الكاتبة تعتمد في روايتها كل تقنيات الزمن السردية: – الاسترجاع: وهو ذكر أحداث وقعت سابقا – الاستباق: اكتشفنا من خلاله أول خيط لتعدد الحكايات – الديمومة: فمن التقنيات المرتبطة بالزمن ما له علاقة بالديمومة.
أما الكاتبة والناقدة حنان ماهر فأوضحت أن ثقافة الذاكرة الفردية للكاتبة هي المحرك الوجداني، وتستدعيها كلما أرادت أن تستخدمها، للعنوان “تميمة العاشقات” دلالة على محاولة الوقاية من أي ضرر في العموم، والعشق في الخصوص، فكأن هذا العشق سحر يمكن أن يؤذي من تتعرض له، ويمكن أن تكون الدلالة أن “العشق” هو التميمة التي تحمي النساء.
أشارت إلى أن النص لا ينتمي إلى ثقافة محددة، أو مرجعية واحدة، بل ثقافات كثيرة ذات مرجعيات عديدة، قومية وجغرافية ومذهبية، الأمر الذي يثري الرواية، ومن ثم تصل إلى ثقافة أي متلقٍ، بمعنى الانتماء إلى كل الثقافات الإنسانية، لقد غاصت الكاتبة في أعماق المرأة، وطرحت موضوعها بكل قوة، وتحاول أن تغير نظرة المرأة لنفسها أولا، ونظرة المجتمع بعد ذلك.
تحذير من العصر الآلي
وصف الناقد خالد جودة الرواية بأنها مدهشة ومثيرة في التلقي والتأويل، وهي من نوع النصوص المتمنعة التي لا تمنح ذاتها بيسر للقراء.
وقال: نجد في الرواية هذا السرد اليومي الذي يقارب أدب الرحلات، حيث متعة الاكتشاف، والانجذاب إلى السفر، فنجد تلك الجولة الحضارية بين أماكن كُثر وبيئات متنوعة، وهناك نافذة مضيئة للرواية تنتمي إلى البوح الحكيم، وهي أن المسافات وهْم، ولا تعني شيئا بالنسبة للروح، ونجد بعدا إنسانيا عاما؛ ففي الروح ظمأ للقرب من الخالق سبحانه وتعالى، لا يرتوي إلا بالخشوع. ونجد أيضا هذا المنحى الرومانسي في الرواية، وهذه الشاعرية التي نضح بها المتن السردي، وفي النص تحذير من العصر الآلي، فنجد شيوع المفردات التكنولوجية، وتماهيها في النسيج الروائي، بحيث تطلق صيحة تحذير من المستقبل الغامض.
وشكرت د.لنا عبد الرحمن جميع المتحدثين، وقالت: لا أختلف معكم؛ فكل رؤية قدمتموها لامست بعمق منطقة من مناطق الرواية.
وأبرزت في تعقيبها عدة أمور مهمة، منها أنها تهتم بالتكثيف الروائي، حتى لا يشعر القارئ بالملل.
وأوضحت أن النص محكوم بالقلق على العلاقات الإنسانية، والتواصل الإنساني.
وكشفت رؤيتها لجوهر ترابط الفنون كلها، لذا كان هناك حضور للموسيقى والفن التشكيلي، والغناء والتمثيل عبر شخصيات الرواية.
سارة الدسوقي