لنا عبد الرحمن بين الإبداع الأدبي والإبداع الموازي

تنتقل الأدبية والناقدة د. لنا عبد الرحمن بسلاسة بين الإبداع الأدبي والإبداع الموازي المتمثل في النقد، ما بين أربع كتب نقد،  وثلاث مجموعات قصصية ، وخمس روايات ، حيث صدر لها ثلاثة أعمال نقدية وهي: متعة السرد والحكايا (إضاءة على روايات عالمية)، ومدار الحكايات (مقالات عن روايات عربية)، عن “وكالة الصحافة العربية- ناشرون ”  وكتاب نقدي بعنوان (الروائي والمخيلة والسرد) عن الهيئة العامة لقصور الثقافة الصادرين بعد صدور مجموعتها القصصية الأخيرة “صندوق كرتوني يشبه الحياة” ، مما يمثل نشاطا نقديا للأديبة صاحبة المنجز الأدبي المميز.

تعقب صاحبة “قيد الدرس” قائلة: أميل دائما لكسر الحواجز بين أنواع الابداع المختلفة، وبين النقد أيضا، أظن أنه من واجب الناقد الفطن أن يسرد وجهة نظره بأسلوب يحفز على قراءة النقد لا على الابتعاد عنه. وبالنسبة لي لا أرى تعارضا بين الابداع والنقد، استمتع جدا في كتابة النقد، والبحث داخل النص خاصة إذا كان العمل الابداعي يحتوي طبقات من التلقي ويمكن أن يتضمن أكثر من تأويل لمضمونه سواء في الحكاية أو أسلوب السرد، بعض الأعمال الابداعية تحفز صوت الناقد في داخلي على التحرك للكتابة، أكون كمن يبحث عن اجابات تخصه وحده، لكن هذه الاجابات تتحول لقراءة أتشارك فيها مع متلقي آخر.

ظل لبنان، الوطن الأم للكاتبة، المكان الأثير في أعمالها الأدبية حتى روايتها الأخيرة “قيد الدرس”، إلا أن القاهرة، المكان الذي تقيم فيه الكاتبة الآن، أطل كمكان محوري في روايتها السابقة “ثلج القاهرة”، هذا التنقل المكاني تعبر عنه لنا قائلة:  أرى أن هناك مساحة شاسعة في الأدب ” أممية”، أكثر مما هي محدودة أو مقصورة على نطاق جغرافي ضيق، وإن بدت الموضوعات المتناولة تختص ببيئة معينة، إلا أنها بشكل أو بآخر مشتركة مع أماكن أخرى. نحن نحتاج للمكان حتما لأنه يقدم لنا الأرض التي يتحرك عليها الأبطال ويتوهون في فلكها،لكن ما يحدث على هذه الأرض وفي حياة هؤلاء الأبطال يتقاطع مع أبطال آخرين في مكان آخر، ولعل هنا يكمن سر الأدب. في روايات نجيب محفوظ مثلا لا يوجد خروج عن حدود البيئة المصرية، لكن ثمة فرادة في اختيار المراد تناوله من هذه البيئة بحيث تجد انعكاسا لها في أماكن أخرى من هذا العالم. في رواية ” قيد الدرس” تناولت حكاية عائلة ضاعت هويتها بين لبنان وفلسطين، بسبب الحروب، وبسبب الاحتلال الاسرائيلي والتهجير، هم ليسوا لبنانين ولا فلسطينين، وهذا التشظي في الهوية ينعكس على حياتهم ككل لتتحول قيد الدرس من هوية غائبة إلى حالة. في ظني أن هذه النقطة تحديدا ليست مقتصرة على منطقة معينة، لأن فكرة اللاهوية موجودة دائما على المناطق الحدودية، أي أنها ليست مشكلة تتعلق في لبنان فقط. لكن في شكل أعمق واكثر تشعبا في آن واحد علينا التوقف أمام مفهوم الهوية ككل بالنسبة للفرد العربي، إلى أي مدى أصبحت هويته وانتمائه وثقافته ولغته منسجمة مع واقعه الحياتي وعالمه الداخلي ككل!

سمر نور

جريدة الأخبار

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى