قصة الشتات اللبناني

 

 

رصدت لنا عبد الرحمن ووثقت حال المهجرين اللبنانيين، في رواية “قيد الدرس”، الصادرة عن دار الآدب 2016، حيث زاوجت بين واقع هؤلا اللبنانيين المفزع، الناتج عن إجبارهم على ترك حياتهم، والمكان الذي نشأوا فيه، وربما لا يعرف الكثيرون معنى مصطلح “قيد الدرس” إلا عند قراءة الرواية، فقد نجحت الكاتبة لنا عبد الرحمن من خلال العنوان، خلق محرك يستفز القارئ لقراءة العمل، كما أنها أشارت للمضمون، وقد قسمت الرواية لمجموعة من الفصول منحت كل فصل عنوانا فرعيا منها “ذهب مع الريح”، “طي ذاكرة معتمة”، “ملعقة ذهب صغيرة” وغيرها.

وعادت الكاتبة إلى عدة أجيال سابقة ، وقصت لنا حكاية الجدة سعاد وهروبها من بيت والدها مع زوجها الفقير عواد، واكتشافها أمر زيجاته المتعددة من نساء مختلفى الجنسيات والهيئات، فإحداهن سيدة مجتمع والأخرى فلاحة، أدارت سعاد حياتها بمساعدة أخيها حتى أنجبت نجوى، وعندما نشبت الحرب في لبنان، انتقلوا جمعيا من منطقة “وادي أبو جميل” في قلب بيروت إلى “شتورة” المحطة الرئيسية في سهل البقاع، هناك كانت بداية جديدة للعائلة يصنفون فيها بـ”قيد الدرس” كان أكثر المصدومين نجوى، المدللة منذ الصغر والتي وجدت نفسها في بيت غربي، وأبناءها مشتتي الهوية، بلا زوج أو أب، فكانت سعاد العمود الرئيسي للبيت.

وعندما نضج جيل أولاد نجوى، وتوفيت سعاد، كل منهم سلك طريقا مختلفا عن الآخر، قليلي أكثرهم شبها بجدتها وأكثرهم صبرا وإجادة لأعمال المنزل، تزوجت رجلا لا تعرفه فقط لتخرج من دائرة الفاقدي الهوية، ولكنها اكتشفت ميوله الجنسية العنيفة، لم تستطع أن تعيش معه وانفصلا ، أما حسان فكان بمثابة الأب العائلة، تزوج من امراة متحررة، وواجه فقدان هوية وغربة من الإقامة في فرنسا، أما ياسمين فكانت تعرف منذ طفولتها حبها للرقص والغناء رغم استهجان الجميع، فإنها واجهتهم في النهاية وساعدتهم في الخفاء بمعارفها وأموالها، وحسن المتوحد أظهر الجانب المتطرف بين العائلة، فقد انضم لجماعة دينية متشددة، تزوج من سيدة منقبة، وانتهت الرواية برسالة منه إلى العائلة، في نهايتها قال إن قيد الدرس ليس هوية بل حالة، يمكننا تصنيف العمل على أنه “رواية بوليفوبية”، حيث تتعدد أصوات الحكي بضمير المتكلم “أنا” ومن كل صوت تظهر رؤية أيديولوجية جديدة، البيئة الزمنية التي تدور العمل في قالبها، تنحصر من عام 1912 إلى 1982، ولكنها لا تسير في خط منطقي ثابت، بل تتنوع بين استرجاع واستباق وديمومة بما يخدم النص.

  سارة وصفي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى