شاطئ آخر للابحار في الهموم العربية

 

 

 

في محاولة لالقاء نظرة تحليليه لمجموعة مختارة من أهم الأعمال الإبداعية العربية التي تحمل جميعا في حناياها هاجس الهموم العربية.. تقدم لنا الكاتبة لنا عبد الرحمن في كتابها شاطئ آخر.. صورة للإنسان العربي المقهور الذي يحاول نفض الانهزام عنه ومقاومة القهرة والتهميش من خلال مجموعة من الدراسات النقدية لأهم الروايات والقصص العربية خرجت علي جعلها المؤلفة من المشرق والمغرب العربي لتعكس صدي عمليات الاستلاب والعزلة التي تعرضت لها النحب الثقافية لأنها عاجزة عن تغيير الحدث ورافضه كليا لمنهجية، الاستسلام والتبعية. وتود أن تؤكد الكاتبة خلال مقالاتها أن الأزمة الأزلية التي تتعرض لها المرأة هي سلطة القمع التي تتعرض لها من قبل الرجل والتي ما هي إلا انعكاس لصورة القهر الذي يتعرض له الرجل سواء علي المستوي السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو النفسي فالمرأة خاضعة مستغلة علي المستوي النفسي والجسدي غير قادرة علي التعبير عن أحاسيسها وأحلامها ورغباتها وتجاهد للإرتقاء بهويتها وجوهرها الانساني.. إلا أنها ستظل محاصرة بسلطة الرجل المطلقة والمستمرة من سلطة أعلي وهي سلطة الشرائع والأديان والتي تطبق سلباً في معظم الأحيان. تنقسم الدراسة إلي قسمين الأول خاص بمجموعة من المقالات الخاصة بالرواية العربية، والقسم الثاني فهو الخاص بمجموعة من أهم القصص العربية القصيرة. تستهل الكاتبة دراستها بمقال يتناول رواية “أعتاب مركب الحزن” للكاتب المغربي الطاهر بن جلون والتي تناول التركيبة النفسية ا لمتصدعة للمجتمع المغربي التضارب البيتوي بين الشرق والغرب والذي أدي إليه فعل الهجرة من المغرب العربي إلي فرنسا، من خلال بطلة الرواية “نادية” يحاول “بن جلون” الكشف عن عنصرية الغرب نحو العرب واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثالثة، حيث يركز الكاتب علي كشف النقاب عن سرابية أحلام الهجرة التي تسيطر علي خيال الشباب العربي. طعم الحرية وفي رواية “نصف الأحزان” للكاتب العراقي عبد الستار ناصر تشير الكاتبة إلي الحقبة التاريخية التي أراد الكاتب أن يعبر عن الحياة العراقية والذي لم يربطها بزمن معين بقدر ما أراد الكاتب أن يرصد رسالة واحدة وهي أن معاناه البطل هي معاناة تنطبق من خلالها علي كل زمن في تاريخ العراق من خلال البطل الذي يعود من المعتقل بعد غياب دام تسع سنوات معبرا عن أزماته الداخلية من خلال نص مشحون بالتأزم النفسي والهواجس الداخلية إلي حد الهلوسة ولم يحمله البطل من ذكريات للتعذيب والظلام والخوف والجلد.. وهي المشاعر التي تسحبه داخل نفسه حتي وهو يتذوق طعم الحرية.. إلا أن يظل سجيناً لخوفه وهلعه وذكرياته الأليمة. وفي رؤية لتجسيد هواجس الشعب العربي وصراعه مع حكامه تجئ رواية فتنه الرؤوس والنسوة للكاتب المغربي سالم حبشي والذي يحاول الكاتب من خلال رواية توضيح صور الفساد السياسي من خلال تجسيده لملامح جنرال متعسف والذي يعد هو الرمز والنموذج السائد لرجال السلطة المتكلين في حكمهم علي كل أنواع التعذيب والقهر والعنف. ويتطرق الكاتب “بهاء طاهر” في روايته “شرق النخيل” إلي موضوع شائك وهو الربط بين المشكلات والمعاناة الخاصة مع النكيات المشتركة بين كل الشعوب العربية من خلال مشكلة الأرض لدي إحدي عائلات صعيد مصر وبين أحوال مصر السياسية والاضطرابات الداخلية وثورة الطلاب ومظاهراتهم احتجاجاً علي القمع السياسي. الحب المستحيل وبعيدا عن الواقع بأخذنا الكاتب الموريتاني موسي ولد إبنو في روايته الحب المستحيل والذي يفترض في روايته نظرية العزل التام ما بين الجنسين بحيث لا يلتقون إلا في فترات الخدمة الاجبارية ومدتها أشهر محددة يتم فيها التزاوج للقيام بعملية الاتحاد والفرض من هذا الفصل هو منع حدوث مرض الحب إذ يجب أن يتم اللقاء بين الرجل والمرأة بشكل آلي حتي لا يقعا في الحب، تلك الرواية التي تشير بأسلوب جرئ وخفي إلي أماكن الخلل في المجتمع العربي الناتج عن التعامل السلبي مع التطور التكنولوجئ الذي قاد في النهاية إلي تدهور اجتماعي ونفسي. وفي وردة صنع الله إبراهيم يقدم لنا رمزاً لأحلام الثورات العربية الأفلة، من خلال قصة لفتاة عمانية مناضلة واسمها الحركي وردة وهي الفتاة الساعية لتحقيق ذاتها والمتمردة عل كل تقاليد فتيات جيلها والتي تنتهي حياتها نهاية مأساوية كرمز لنفس المصير الذي يواجه الثورات العربية والتي دائماً تواجه بالخيانة والغدر. سيمفونية قصصية وينبش الطاهر وطار التاريخ من خلال روايته “الولي الطاهر يعود إلي مقامه الزكي” ساعياً خلالها إلي دمج الولاية الأدبية” بالحركات الاسلامية الحديثة من خلال رحلة تاريخية صوفية يبحر فيها المؤلف بين الخيال والواقع في سمفونية قصصية ملحمية.. من خلال شخصين الولي الطاهر الذي يبحر بنا إلي متاهات تاريخية سحيقة بحثا عن الحقيقة، ليدمج بين الماضي والحاضر في رحلة صوفية يدخل بنا المؤلف إلي صلب الشأن الجزائري، فالطاهر وطار.. كما تؤكد الكاتبة كاتب مهموم بوطنه بكل تحولاته السياسية وصراعاته لمقاومة الاستعمار، وماتلي ذلك من تحولات نحو الاشتراكية قادت إليها الثورة. مع “فوزية شويش السالم” تدخل إلي واقع المرأة الشرقية من خلال روايتها “مزون وردة الصحراء” والتي يدور عالمها في الصراع الأبدي حين الفرض والرفض والرغبة والخشية والمعلن والمستتر في حياة المرأة الشرقية.. وذلك عبر ثلاث شخصيات نسائية وهي الجدة والابنه والحفيدة “مزون” لتفرض الرواية الحياة خلال ثلاثة أجيال منذ بداية الحرب العالمية الثانية وحتي هذا الزمن. البحث عن الذات وتتعرض الكاتبة لنوع آخر من أنواع القهر الأنثوي من خلال رواية أسيمه درويش “شجرة الحب غابة الأحزان” والذي تتعرض لمعاناة المرأة أمام وطأة التقاليد المتشددة المعادبة لأبسط حقوق المرأة وهي اختيار زوجها.. كذلك انجاب الذكور والإثاث والذي يقع علي كاهل المرأة وقد يسبب لها الطلاق.. تلك المشكلات التي تتعرض الرواية من خلال بطلتها “ندي” والتي تجبر تحت سطوة الأب من الزواج بالعريس الغني.. وانفلاتها من سلطته لتقع تحت سلطة أخري وهي الزوج الذي يحاول أن يغرس بداخلها أو رغبة في التفكير والبحث عن الذات.. حتي تقع قصة حب أخري إلا أنها حين تنفصل عن زوجها الأول ترفض الزواج بمن تحب حتي لا تصنع قيدا آخر حول عنقها والتي ظلت طيلة حياتها تعاني من تلك الأغلال. “الغربه.. الجنس” البحث عن السعادة، مفردات صعبة حيكت من خلال معانيها حنان الشيخ روايتها “انها لندن يا عزيزتي” هكذا استهلت الكاتبة مقالها لتقدم لنا خلاصة الرواية التي صاغتها حنان ا لشيخ والتي تدور في ذلك ثلاث شخصيات رئيسية وهم أميرة بائعة الهوي المغربية والتي تنتحل شخصية أميرة خليجية، ولميس لاجئة عراقية مطلقة.. انتقلت من دبي إلي لندن وسمير الشاب اللبناني ا لمهوس بأبناء جنسه والمريض سابقا في مستشفي الأمراض العقلية ببيروت.. تلك الشخصيات المتناقضه التي تبحث عن ذاتها في أحياء لندن وفي شوارعها وبين عاداتها وتقاليدها. الطفل المثالي وتختار الكاتبة رواية أخري لتضئ منطقة أخري من مناطق القهر الأنثوي لفترة الطفولة وسنوات المراهقة من خلال رواية حبات النفتالين للكاتبة “عاليه ممدوح” والتي تشير الرواية إلي القهر الواقع علي المرأة إلي جانب اضطهاد الطفولة والمطالبة دائما بالطفل المثالي لا الطفل الطبيعي.. والخلل في بيئة تطلب من الفرد وتعوده من الصغر علي الطاعة العمياء والاستسلام الكامل لكل ما يطلب منه من خلال البطلة “هدي” والتي تعيش ضمن منطقتي الأعظمية وكربلاء في فترة الأربعينات والخمسينات في ظلال الاضطرابات الشعبية والتظاهرات الطلابية. وتتعرض الكاتبه لقضية الاستعمار الصهيوني وغليان الجماهير العربية المطالبة بحركة تحرير الأرض وما رافعة ذلك من حكم جمال عبد ا لناصر والتفاف الشعوب العربية حول الاذاعات للإستماع لخطاباته. وتتعرض الكاتبه لمشكلة التناقض الذي يصيب المجتمع الشرقي بوجه عام من خلال رواية “هالة البدري” إمرأة ما” والتي تشرح حنايا المجتمع الشرقي التقليدي الذي يحيا بين خطين بين نعم متجاذبين “تم ولا” إما الإذعان الكامل لقوانين المجتمع بغض النظر عن الرغبات الشخصية والتطلعات الداخلية أو التمرد الذي سيؤدي إلي نبذ المجتمع لكل من يجرؤ بالتمرد علي قوانينه.. وبين نعم ولا هناك مساحة سرية كبيرة يعيش فيها معظم أفراد المجتمع رجالا ونساء اتفقوا فيما بينهم علي قولبة الأمور وبلورتها بما يتناسب الظاهر المعلم والداخل المضمر. الحرمان والفقد ومع رواية “بنت الخان” للكاتبة العراقية “هدية حسين”.. تستعيد ذاكرة الحرب والمعاناة التي عاشتها بطلة الرواية والتي تمزح بين ماضي والتي الذي تحاول اكتشافه بكل أفراحه وأتراحه ومن واقع الحرمان والفقد الذي تعيشه البطله نتيجة للحرب العراقية والتي قضت علي كل أمل في الغد لها ولكثيرين من أمثالها. وفي رواية “الصبار” للكاتبة “ميرال الضحاوي” التي تعبر عن قساوة الحياة الصحراوية والاضطهاد الذي تعانيه المرأة خاصة معاناه انجاب الفتيات وموت الذكور والذي يعتبر محور الرواية كما تشيد الكاتبه من خلال مقالها لاستخدام المؤلفة للغة البدوية والتي توافقت مع البيئة والجو العام للرواية. الحزن والفقر وفي القسم الثاني من الدراسة اختارت الكاتبة عدداً من المجموعات القصصية لتتناولها بالنقد والتحليل والتي بدأتها بمجموعة خالد غازي أحزان رجل لا يعرف البكاء والتي تنجح إلي تجسيم الألم الناتج عن الفقر الذي يعبر عنه المؤلف والذي تشيد الكاتبه بلغته التي تمزج بين الواقع والخيال مزجاً متناغماً يحمل القارئ إلي حالة من التخيل المدرك.. كذلك الجمل القصيرة ا لمكثفة التي حرص عليها المؤلف الذي أجاد في التسلسل بخفة إلي عوالم المرأة الداخلية والإجاده في التعبير عنها بدقه. تدخل الكاتبه إلي عالم الروائي “عبد الرحمن مجيد الربيعي” من خلال مجموعته الأخيرة إمرأة من هنا.. رجل من هناك وتشييد بناء قصصه بأسلوب حبي مجتزاً من الواقع مما أثري النص وجعله متوقداً بوهج الحياة وأحداثها الحقيقية.. إذ لم يبتعد عن الواقع ولم ينزلق إلي الخيال.. كما تشير الكاتبه لأهتمام “الربيعي” بعنصر المكان وذكره لأسماء البلدان والمقاهي والشوارع والحانات وكأنه بذلك يلجم الذاكره. تنطرق الكاتبه إلي عالم الكاتبه السعودية “زينب الحفني” من خلال مجموعتها هناك أشياء تغيب والتي تقول عنها: لعل أهم ما يميز مجموعة هناك أشياء تغيب خروج الكاتبه عن الأسلوب التقليدي في أختيار الأبطال والموضوعات، فمعظم شخوص قصصها ضحايا لهذا الزمن الردئ انهم أشخاص عاديون متعجبون أرهفتهم الأيام وقادتهم بخطي واسعة نحو ألم ما سبب عطباً ظاهراً في الجسد والروح.. كما أن أهم ما يميز هذه القصص أنها تثير ذهن القارئ بطرحها أسئلة مفتوحة غير معلنة. القهر الأسري ومع “رشيدة الشارني” تدخلنا الكاتبة إلي عالم البحث عن الأنا داخل الأنا ذاتها من خلال مجموعة “الحياة علي ماض الدنيا”.. حيث تؤكد الكاتبه أن مشكلة المرأة في علاقتها مع المجتمع ومع الرجل تحديداً تشغل حيزاً هاماً في قصص المجموعة التي لا تخلو قصته من التلميح عن القهر الأسري والنظرة الرديئة التي توجه للمرأة من طرف الرجل سواء كان أباً أو زوجاً. وفي “إمرأة” للكاتبة السورية “كوليت خوري” تصف الكاتبة عوالم وهموم النساء وأحلامهم المشتركة فالحب والفراق والغربه والهواجس الداخلية تشكل المحور الأساسي في قصص المجموعة. “الساقطة”.. “لهيفاء بيطار”.. تشير الكاتبة لجرأة المؤلفة في اختيار العنوان الذي يوحي بأجواء قصصه الأنثوية في معظمها والتي تسلط الضوء عن واقع مضن يختبئ في أكثر الرواية ظالامية وقهراً من حياة مجموعة من النساء. ومع القاص الفلسطيني “رشاد أبو شاور” تدخلنا الكاتبة إلي عالمه القصصي من خلال مجموعة “غريب في المدينة” والتي تقول عنها أنها قصص تحريضية مشحونه برغبة المقاومة ومواجهة العدو عبر استعادة وقائع محرقه وداميه من حياة الشعب الفلسطيني وتقديمها للقراء بأسلوب قصصي بسيط. وتختتم الكاتبه دراستها بمجموعة يحيي القيسي “رغبات مشروخه” تضئ إلي عالم “القيسي” القصص والذي يتناول الواقع المأسوي المتأزم الذي يموج بالصراعات الوطنية والاجتماعية التي تثقل كيان المجتمعات العربية، كما يحرص المؤلف في معظم قصصه علي تبادل الظلم والاضطهاد والعنف الممارس ضد الشعوب.. متنوعا في أسلوبه ما بين الفانتازيا وبين الواقع المرير. من الواضح أن الكاتبه في اختيارها للقصص التي قامت بتخيلها أن شغلها الشاغل والأول هو هموم ومشاكل المرأة العربية وما تعانيه من فقد واضطهاد وقهر جسدي ومعنوي ممارس عليها من قبل الرجل بوجه عام.. والذي يجئ هذا القهر نتيجة لقهر الرجل الشرقي ذاته المضطهد من قبل السلطة بجميع أنواعها.. فما تعانيه المرأة من قهر واضطهاد، ما هو إلا انعكاس لصوت الانسان العربي المقهور والمهمش.. ولا ننكر انحياز الكاتبه لبني جنسها بشكل واضح يكفي لاثباته القضايا التي تناولتها الروايات والقصص التي تناولتها الكاتبة بالنقد والتحليل. ولكن تبقي كلمة أخيرة وهي أن الكاتبة تحمل مجهراً تصل من خلاله إلي مضمون القصص والرواية فتستطيع التعبير عنها بشكل مبسط.

  أمل فؤاد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى