كوكب جائع

 

وصف البعض كوكب الأرض بأنه ” كوكب جائع” فقد مضى يوم الغذاء العالمي خلال هذا الأسبوع، وهناك  بليون إنسان يتضور جوعاً، ويموت طفل في أفريقيا  كل دقيقة بسبب الجوع. يحدث هذا في الوقت الذي تواجه فيه أوروبا أزمة اقتصادية خانقة، بل ويواجه العالم ككل ارتفاعا في أسعار الغذاء ؛ لذا اختارت منظمة «فاو» أن تكون أسعار الغذاء موضوعا أساسيا ليوم الغذاء العالميورفعت شعاراً نصّه: «أسعار الغذاء من الأزمة إلى الاستقرار»، بهدف تسليط الضوء على تأثير التقلّب في أسعار الغذاء على مشكلات فقراء المستهلكين وصغار المنتجين، بل الزراعة عموماً. وكشف تقرير المنظمة أن سوق الأغذية العالمي في وضع متأزم حاضراً، لأن مستويات مخزونات الأغذية بلغت حدودها الدنيا على الإطلاق. كما أن موجات الجفاف والفيضانات التي تضرب مناطق إنتاج أساسية تزيد من الضغط على الأسعار.

لكن المستغرب أنه  في الوقت ذاته، يتزايد ثراء شريحة محدّدة من الناس. يأكلون المزيد من اللحوم ومنتجات الألبان، يستهلكون الفاكهة والخضار ببذخ، يلقون في قمامتهم ما يُشبع العديد من جوعى هذا العالم. يسرف هؤلاء  الأغنياء في الاستهلاك، ويقيّدون التجارة العادلة، ويستخدمون محاصيل الغذاء وقوداً حيوياً لمركباتهم الفارهة، ويزيدون من الضغوط الاقتصادية على شرائح المجتمع كافة، من دون وجود من يقول لهم ” كفى”.

وفي تأزم حالة الغذاء العالمي، أذكر  مبادرة أطلقتها الـ «فاو» عام 1997، عُرِفت باسم “مبادرة تيلي فود” Tele Food، وتعني حرفياً “الطعام من بُعد”، بهدف جمع تبرعات لمساعدة الناس غذائياً في البلدان النامية والفقيرة. ونجحت هذه المبادرة في جمع ما يزيد على 29 مليون دولار لتمويل نحو 3200 مشروع في 130 بلداً.

وفي هذا العام، قامت ” الفاو” بإطلاق حملة للقضاء على الجوع عالمياً. حيث وضعت المنظمة عريضة على الإنترنت، داعية إلى جمع تواقيع بليون شخص عليها. وجاء في نص العريضة: «نحن مؤيدي هذه العريضة نرى أنه لم يعد مقبولاً أن يكون هناك بليون شخص يعانون الجوع المزمن. وأننا نناشد الحكومات عبر الأمم المتحدة، أن تضع القضاء على الجوع في أعلى سلم أولوياتها إلى أن يتم تحقيق هذا الهدف». وبمجرد إطلاقها، ظهرت تواقيع ثلاثة ملايين وثلاثمئة ألف شخص. وقد تأسست أيضاً «حركة القضاء على الجوع» تحت شعار «مشاركة الغذاء تغيّر حياة الآخرين، وطعامك المفضّل قد يغير حياة إنسان».

أما في العالم العربي فكان  ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 3 إلى 4 درجات مئوية، سببا في خفض إنتاج الزراعة عربياً بنسبة تتراوح بين 23 و35 في المئة. لذا يُعتبر الأمن الغذائي أحد أكبر الأخطار التي تواجه البلدان العربية، أي أن الدول العربية  كلها ستتأثر بمشكلة نقص الغذاء،  بسبب محدودية الأراضي الزراعية المنتجة، ونقص المياه، وفقدان التنوّع بيولوجياً، إضافة إلى التصحّر والجفاف وتدهور التربة.

وبالنسبة لمصر فمن المتوقع القضاء على الجوع   بحلول 2020. وذلك بعد مشروع مشترك بين برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة وبنك الطعام المصري، والبنوك التابعة له، لمكافحة الجوع في مصر، وسيتم العمل على هذا المشروع مع حلول عام 2012.

في الحقيقة إن ظاهرة الجوع ليست جديدة على العالم، وربما لن تنتهي أبدا لأنها جزء من البشرية، لكن علينا التنبه أن ما يتم الإلقاء به من بقايا الأطعمة في القمامة، يفوق حاجة الاستهلاك.مما يجعلنا نتوقف عند سياسة الترشيد الاستهلاكي التي نحتاج إليها حتما لنكون أكثر وعيا بحاجاتنا، وحاجات الآخرين الذين من الممكن انقاذ حياتهم بخطوات بسيطة، تؤمن لهم البقاء أحياء، وتمكننا من ادراك ماهية انسانيتنا في  التعاطف معهم أكثر.

د. لنا عبد الرحمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى