محطة البرازيل

 

فيلم ” محطة البرازيل”،  قام ببطولته فيرنندا مونتيغيرو ، والفيلم تم ترشيحه لنيل الأوسكار  وحاصل على 29 جائزة دولية. تدور أحداث الفيلم في ” ريو دي جينيرو”، وبطلته معلمة مدرسة سابقة عجوز  تدعى ” دورا ” تعمل في محطة القطار في كتابة رسائل  للأشخاص الأميين، تكتب الرسالة، وتضع العنوان على الظرف لكنها لا ترسل الرسائل بل تحتفظ  بها في بيتها ثم تتخلص منها كلها من دون أدنى شعور بالذنب.

في يوم ما تأتي إليها سيدة شابة، ومعها طفل في العاشرة، وتطلب من دورا  أن تكتب رسالة لوالد الطفل كي يأتي ليأخذه، وكالعادة تكتب دورا الرسالة  وتحتفظ بها كي ترميها فيما بعد. لكن سير الأحداث يتغير عندما تصدم سيارة الأم وتموت وهي  تغادر برفقة ابنها محطة القطار.  يجلس الطفل خوسيه في المحطة لأنه لا يعرف أين يذهب، ومن هنا تبدأ علاقته ” بدورا” التي تصحبه  إلى بيتها في البداية، ثم تبيعه إلى رجل في المافيا، لكن في لحظة يقظة ضمير عند دورا  تقتحم  بيت المافيا وتنقذ الطفل خوسيه  وتقرر أن تخوض معه رحلة البحث عن والده.

يغادران معا  ” ريو دي جينيرو”، وتمضي دورا مع الطفل  خوسيه من محطة إلى محطة، ومن بلدة إلى أخرى. يجوعان معا، وينامان على الأرض، لكن دورا كانت مصرة على ايجاد الأب الغائب وتسليمه ابنه. ثم بعد جولات طويلة وأحداث متلاحقة يصلان إلى بلدة ريفية نائية، كان يعيش فيها الأب مع  ولديه الشابين اللذان يحكيان  “لدورا ” أن الأب رحل يبحث عن زوجته وابنه وأن لا أحد يعرف عنه شيئا منذ رحيله.  وفي الليل تترك ” دورا” الطفل خوسيه مع أخويه وتمضي في طريقها من جديد.

يسبر الفيلم، العلاقة بين “دورا” كاتبة الرسائل والصبي، هذه العلاقة التي تنمو عاطفيا إلى أن تتعرض “دورا” إلى تحول جذري من الأنانية والخبث والخداع إلى الانفتاح والحساسية والاهتمام بالآخرين. فالفيلم يكشف عن قدرة الحب على شفاء الروح البشرية المعذبة، يتضح هذا حين تبدأ دورا في إدراك العالم بطريقة مختلفة بعيدة عن المادة التي كانت محور تفكيرها طوال الوقت. عاطفة المحبة التي غمرتها نحو الطفل خوسيه جعلتها تبكي بحرقة بعد مغادرتها له، كما شاهدنا خوسية يركض نحو المحطة بحثا عن دورا، لكنه لا يتمكن من اللحاق بها، من هنا يكتسب الفيلم عمقا معينا يكشف عن  إمكانية تحول البشر من اللامبالاة  والغرق في جحيم مشاعرهم السلبية، إلى الإحساس بالآخرين والتفاعل معهم من دون سبب نفعي من وراء هذا التفاعل، فقط المحبة  التي هي الجوهر المحرك للعلاقة.

د. لنا عبد الرحمن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى