” علاء الدين” جني يتوق للحرية وإنسان يحلم بالثروة
يُطل فيلم “علاء الدين” ضمن موسم الصيف، من انتاج والت ديزني ليحظى باهتمام الصغار والكبار في آن واحد، هذا ما يمكن استنتاجه من القاعة الممتلئة تماما بحضور من مختلف الأعمار يتشاركون معا مشاهدة الحكاية السحرية.. الفيلم مستوحى من حكايات “ألف ليلة وليلة”، رغم أحداثه المتوقعة، ونهايته المعروفة؛ إلا أنه تمكن من جذب المشاهد حتى اللحظات الأخيرة، من خلال حوارات ساخرة وطريفة وحكمية بعض الشيء بين علاء الدين والجني الراقد منذ عشرة آلاف عام داخل الفانوس السحري.
يضم الفيلم مجموعة من الإثنيات التي منحت تميزا للعمل، الحضور القوي للممثل ول سميث الذي يقوم بدور الجني الأزرق بجسد نصف عار على مدار الفيلم، والممثل المصري مينا مسعود الذي قدم شخصية علاء الدين ومنح الدور تميزا بطلته الشرقية، والممثلة ناعومي سكوت التي أدت دور الأميرة ياسمين، ولعب الممثل الألماني من أصل تونسي مروان كنزاري دور الوزير جعفر وقام بالإخراج جاي ريتش.
يبدأ المشهد الأول مع ول سميث ، وهو يحكي لطفلين حكاية علاء الدين والأميرة ياسمين، من دون أن يعرف الطفلان أن والدهما هو الجني الذي ساهم بشكل أساسي في أحداث هذه الأسطورة.
تبدو الحرية بمفهومها الشمولي هي مغزى الرسالة الأساسية لفيلم “علاء الدين”، حيث أمنية الجني هي التحرر من المصباح وأن لا يظل حبيسا داخل قمقم نحاسي ، لذا حين يسأله علاء الدين عن أمنيته يقول : ” أتمنى ان أكون حرا، مشكلة الجني أن لديه قدرات غير محدودة ومساحة صغيرة للعيش.”
أما الأميرة ياسمين ، فتكرر ضمن أغنيتها عبارة : “كل ما أعرفه أنني لن ألتزم الصمت”، هذه الجملة تأتي ردا على طلب الوزير جعفر : “من الأفضل للجماهير أن تراك، دون أن تسمعك”
ينقسم العالم كما في كل الحكايات الخرافية إلى مجموعة من الكائنات الطيبة، في مواجهة أخرى شريرة.. الطيبون هنا هم علاء الدين وقرده الصغير آبو، والملك حاكم مملكة “أغرابا”، وابنته ياسمين.. هؤلاء في مواجهة الوزير جعفر الطامع بازاحة الملك عن عرشه والزواج من ابنته الأميرة، ويساند جعفر ببغاء سحري، وصولجان على شكل أفعى يستخدمه للتأثير على الملك ليخضعه لمشيئته ، حيث تتشابك الأحداث فتلتقي الأميرة ياسمين في سوق الخضار مع السارق علاء الدين الملقب بجرذ الشارع الذي له قلب من ألماس، هكذا يرمي كيوبيد سهمه فتتغير الأقدار بين العاشقين.
ولا يمكن وصف الفيلم بأنه خارق سوى من ناحية الإبهار البصري، لكن السيناريو السلس ينتصر للحب المجرد، ولقيم الصداقة النبيلة، حيث تكون أمنية علاء الدين الثالثة هي تحرير الجني من القمقم، متنازلا بذلك عن تحقيق إحدى أمانيه بالثراء أو السلطة .. الحوارات التي تدور بين الجني وعلاء الدين شقة جدا كأن يقول:”ما يفعله الجني مجرد تغيرات من الخارج، أما الداخل فعليك أنت القيام به”، أو أن يقع الجني بحب وصيفة الأميرة ويتوق للتجول برفقتها، أو أن يحكي عن عدم اكتراث أحد به، وأنه أمضى عمره في طاعة الآخرين ثم أمنيته بالزواج وانجاب الأطفال، إنه الجني الواقعي الهزلي الطريف الذي تتقاطع أحلامه مع أحلام البشر العاديين، ويمكن ايجازها بالحرية والحياة العادية جدا.
لا يمكن القول أن فيلم “علاء الدين” قد جاء بوجه جديد من حكاية علاء الدين، بقدر من أنه اعتمد على تحديث الحكاية، وتقديم الأبطال بأفكار أكثر جدة، الجني الحكيم الذي يرغب باللهو والحياة، وعلاء الدين الطامح لتغيير هويته، تبديل الفقير بالأمير لكنه يكتشف أن الثراء الخارجي لم يغير من داخله شيئا، وربما تظل الأميرة ياسمين أقل الشخصيات تعرضا للتحول، إنها الشخصية الرصينة التي تعرف ما تريد منذ البداية النهاية.
ويعتمد الفيلم على مجموعة من الأغنيات الاستعراضية المبهرة في الألوان والتقنيات ومعظمها كما يبدو مستلهمة من تأثير التراث الهندي والعثماني أيضا فيما يتعلق بأزياء الراقصات وألوان ثيابهن، وليس لها صلة بأي جزء من الثقافة العربية، حيث تتكرر كلمة ” الليالي العربية” في بداية الفيلم، لكنها بلا مدلول سوى من ناحة استلهام القصة من تراث ألف ليلة وليلة.
لنا عبد الرحمن