إنها أفلام السيرة الذاتية
تجذب حكايات المشاهير وخصوصياتهم اهتمام الناس لمتابعتها، لذا أصبحت ظاهرة تناول حياة أشخاص مشهورين في أفلام تتضمن سيرة حياتهم، ظاهرة جاذبة للانتباه، خاصة إذا كانت تحمل رسالة تتجاوز حدود الحدث أوالشهرة في حياة شخص ما؛ ففي عام 1982 تم انتاج فيلم عن كفاح وفلسفة غاندي ؛ وهو فيلم تحدث عن سيرته وحياته وافكاره ، وجاء هذا الفيلم كرسالة تدافع عن افكار المهاتما غاندي ودعواته الى نبذ التعصب والعنصرية. في حين ظهرت سيرة حياة الزعيم النازي هتلر في عدة أعمال سينمائية منها : ” انتصار الإرادة” و” انتصار الإيمان” و ” الأيام الأخيرة في حياة هتلر”.. ولو عدنا في التاريخ إلى الوراء قليلا سنجد فيلم ” لورانس العرب” الذي يروي أحداث الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين، خلال الحرب العالمية الأولى وكيف استغلت الاستخبارات البريطانية المنطقة العربية لمصلحتها عبر شخصية (تي اي لورانس) الذي يكون مقربا من الأمير فيصل وتنشأ بينهم علاقة صداقة وطيدة. وهذا الفيلم حاز على سبع جوائز أوسكار، وصعد بنجم عمر الشريف إلى السماء بعد أن قام بدور البطولته. أما فيلم ” الملكة” الذي تناول جزء من حياة الملكة اليزابيث فقد قدم بعض الوقائع من حياة الملكة والأسرة والشعب بعد وفاة الاميرة ” ديانا” زوجة الأمير “تشارلز” ، حيث ترفض الملكة الاقدام على اي تعازي للأميرة “ديانا”، مما يوجد حالة من الاستياء عند الشعب، بسبب عدم القيام بأي حركة او إلقاء خطبة من الملكة بعد وفاء الاميرة “ديانا”, التي أحبها الشعب البريطاني.. تدور احداث كثيرة للملكة، ليكشف الفيلم بشكل جرىء خبايا ويظهر حقائق غير معروفة.
* * *
في بعض الاحيان يكون الشخص محور الفيلم لا يزال على قيد الحياة. ومن اكثر هذه الأمثلة دلالة فيلم (لا كونكويت) “La Conquete” أو (انتزاع الحكم) الذي تناول وصول نيكولا ساركوزي الى قصر الاليزيه من بطولة دوني بوداليديس، وقد أثار هذا الفيلم الضجة، خاصة مع تقديم انهيار زواجه بعد وصوله للرئاسة، كما قدم ساركوزي على انه شخصية متقلبة عابسة ومندفعة. هناك أيضا فيلم من بطولة الممثلة الامريكية ميريل ستريب بعنوان “المرأة الحديد” يتناول سيرة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر، وتحكي أحداث الفيلم عن السبعة عشر يوما التي أفرزت حرب فوكلاند مع الأرجنتين، التي شكلت نقطة تحول حاسمة في تاريخ تاتشر المهني ؛ لكن ليست حياة السياسين فقط، جاذبة للاهتمام، ويمكن تحويلها لعمل درامي،إذ استحقت حياة بعض الفنانين التوقف أمامها كما في الفيلم الذي يحكي قصة حياة إدث بياف ” الحياة الوردية”، ولم يكن تقديم سيرة إديث بياف عبر هذا العمل السينمائي فقط، فقد سبقه فيلمين تناولا حياتها. كما تم تقديم حياة الرسام مودلياني، والموسيقار موزارت، وأيضا حياة الكاتبة الفرنسية جورج صاند في علاقة الحب التي جمعتها مع الكاتب ألفريد دي موسيه.
وفي خلال هذا العام 2011 تبدو أفلام السيرة الذاتية رائجة جدا، إذ يتم انتاج فيلم عن حياة داليدا ، والمغني الفرنسي كلود فرنسوا.كما هناك فيلمين عن سيرة مارلين مونرو يحضران الان. الاول بعنوان “أسبوع مع مارلين” ويتناول علاقة التعاون الصعبة بين مارلين مونرو والممثل والمخرج البريطاني لورانس اوليفيه خلال تصوير فيلم (الامير والراقصة).
على المستوى العربي، ظهرت أفلام سيرة ذاتية تناولت حياة رؤساء وفنانين، كما في فيلم عن حياة الرئيس عبد الناصر، وآخر عن حياة السادات، كما ظهرت حياة عبد الحليم حافظ في فيلم سينمائي، لم يحظ بالنجاح المطلوب؛ هناك أيضا عدة مسلسلات درامية تناولت حياة فنانين وعلماء ومشاهير. لكن تبدو الملاحظة المشتركة في كل الأعمال السينمائية والدرامية العربية التي تقدم حياة المشاهير هي في حرصها أن تنحو نحو الكمال في تقديمها للشخصية التي تطرحها، مما يسبب انفصالا عن الواقع، وبُعدا عن مفهوم السيرة الحقيقي التي أُعد العمل الفني من أجله، حيث من المهم أن نقدم فنيا كل الجوانب الانسانية في كل وجوهها الحسنة والسيئة، لا من وجهة نظر واحدة تحرص على تقديم البطل المثالي في كل الحالات، لأن هذا بعيد حتما عن الواقع.
د. لنا عبد الرحمن